Makna Bait Ke 19 Nadhom Aqidatul Awamm Kisah Nabi Isa Alaihissalaam
Ngaji Kitab Aqidatul Awam 19-2
قال المؤلف رحمه الله تعالى:
إلياس يونس زكريا يحيى # عيسى وطه خاتم دع غيا
"Ilyas, Yunus, Zakaria, Yahya, Isa dan Thoha (Muhammad) penutup para nabi, tinggalkan yang sesat (ngaku nabi).
Penjelasan Nama-nama Nabi yang wajib (kifayah) diketahui adalah:
24. Nabi 'Isa 'Alaihissalaam
ولادة سيدنا عيسى عليه الصلاة والسلام
بِسمِ اللهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ
الحَمدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللهِ، أَمَّا بَعدُ:
المقدمة
قَالَ اللهُ تَعَالَى﴿مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ﴾ سورة المائدة (75)
قَالَ اللهُ تَعَالَى ﴿إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ سورة ءال عمران (59)
أُمُّ نَبِيِّ اللهِ عِيسَى عَلَيهِ السَّلَامُ السَّيِّدَةُ مَريَمُ بِنتُ عِمرَانَ الصِّدِّيقَةُ الوَلِيَّةُ البَتُولُ العَذرَاءُ الطَّاهِرَةُ الَّتِي تَرَبَّت فِي بَيتِ الفَضِيلَةِ وَعَاشَت عِيشَةَ الطُّهرِ وَالنَّزَاهَةِ وَالتَّقوَى، وَنَشَأَت نَشأَةَ طُهرٍ وَعَفَافٍ عَلَى التَّقوَى تُؤَدِّي الوَاجِبَاتِ وَتُكثِرُ مِنَ نَوَافِلِ الطَّاعَاتِ.
وَكَانَتِ المَلَائِكَةُ تَأتِي إِلَى مَريَمَ عَلَيهَا السَّلَامُ وَتَزُورُهَا، إِلَى أَن جَاءَت إِلَيهَا فِي وَقتٍ وَبَشَّرَتهَا بِاصطِفَاءِ اللهِ تَعَالَى لَهَا مِن بَينِ سَائِرِ النِّسَاءِ وَبِتَطهِيرِهَا مِنَ الأَدنَاسِ وَالرَّذَائِلِ، وَبَشَّرَتهَا كَذَلِكَ بِمَولُودٍ كَرِيمٍ يَكُونُ لَهُ شَأنٌ عَظِيمٌ فِي الدُّنيَا وَالآخِرَةِ وَيُكَلِّمُ النَّاسَ صَغِيرًا فِي المَهدِ وَيَكُونُ كَهلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ.
وَفِي هَذَا المَقَالِ نَذكُرُ قِصَّةَ وِلَادَتِهِ المُبَارَكَةِ عَلَيهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ.
تبشير الملائكة للسيدة مريم بولادة نبي الله عيسى عليه الصلاة والسلام
قَالَ اللهُ تَعَالَى ﴿إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ * وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ﴾ سورة ءال عمران (45 – 46)
خَرَجَتِ السَّيِّدَةُ مَريَمُ مِن مِحرَابِهَا ذَاتَ يَومٍ وَسَارَت جِهَةَ شَرقِيِّ بَيتِ المَقدِسِ، وَأَمَرَ اللهُ تَعَالَى سَيِّدَنَا جِبرِيلَ عَلَيهِ السَّلَامُ أَن يَذهَبَ إِلَيهَا لِيُبَشِّرَهَا بِعِيسَى عَلَيهِ السَّلَامُ، فَتَمَثَّلَ لَهَا جِبرِيلُ فِي صُورَةِ شَابٍّ جَمِيلٍ أَبيَضِ الوَجهِ فَلَمَّا رَأَتهُ مَريَمُ عَلَيهَا السَّلَامُ لَم تَعرِف أَنَّهُ جِبرِيلُ فَفَزِعَت مِنهُ وَاضَّطَرَبَت حَيثُ ظَهَرَ لَهَا فَجأَةً فِي ذَلِكَ المَكَانِ، وَصَارَت تَبتَعِدُ مِنهُ ثُمَّ قَالَت: إِن كُنتَ تَقِيًّا مُطِيعًا فَلَا تَتَعَرَّض لِي بِسُوءٍ، لَكِنَّ جِبرِيلَ عَلَيهِ السَّلَامُ سُرعَانَ مَا أَزَالَ عَنهَا اضطِرَابَهَا وَهَدَّأَ مِن رَوعِهَا وَقَالَ لَهَا: أَنَا لَستُ بِبشَرٍ وَلَكِنِّي مَلَكٌ أَرسَلَنِي اللهُ تَعَالَى إِلَيكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا يَكُونُ طَاهِرًا نَقِيًّا، فَتَعَجَّبَت مَريَمُ عَلَيهَا السَّلَامُ لِأَنَّهَا بِكرٌ غَيرُ مُتَزَوِّجَةٍ وَلَيسَت زَانِيَةً، فَأَجَابَهَا جِبرِيلُ عَن تَعَجُّبِهَا بِأَنَّ خَلقَ وَلَدٍ مِن غَيرِ أَبٍ سَهلٌ هَيِّنٌ عَلَى اللهِ تَعَالَى، وَلِيَجعَلَهُ عَلَامَةً لِلنَّاسِ وَدَلِيلًا عَلَى كَمَالِ قُدرَتِهِ سُبحَانَهُ وَتَعَالَى وَلِيَجعَلَهُ رَحمَةً وَنِعمَةً لِمَن اتَّبَعَهُ وَصَدَّقَهُ وَءَامَنَ بِهِ.
فَاستَكَانَت لِذَلِكَ وَأَنَابَت وَسَلَّمَت لِأَمرِ اللَّهِ وَعَلِمَت أَنَّ هَذَا فِيهِ مِحنَةٌ عَظِيمَةٌ لَهَا، فَإِنَّ النَّاسَ سَيَتَكَلَّمُونَ عَلَيهَا بِسَبَبِهِ، لِأَنَّهُم لَا يَعلَمُونَ حَقِيقَةَ الأَمرِ وَإِنَّمَا يَنظُرُونَ إِلَى ظَاهِرِ الحَالِ مِن غَيرِ تَدَبُّرٍ وَلَا تَعَقُّلٍ.
وَأَمَرَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى جِبرِيلَ عَلَيهِ السَّلَامُ أَن يَنفُخَ فِي مَريَمَ البَتُولِ رُوحَ عِيسَى المُشَرَّفَةَ عِندَهُ، فَنَفَخَ فِي أَعلَى جَيبِ قَمِيصِ مَريَمَ عَلَيهَا السَّلَامُ فَوَصَلَت بِنَفخَتِهِ الرُّوحُ مِن فَمِ مَريَمَ إِلَى رَحِمِهَا عَلَيهَا السَّلَامُ بِقُدرَةِ اللهِ، وَحَمَلَت بِتِلكَ النَّفخَةِ بِالسَّيِّدِ المَسِيحِ عَلَيهِ السَّلَامُ.
وَيُقَالُ إِنَّ عُمرَ مَريَمَ عَلَيهَا السَّلَامُ حِينَ حَمَلَت بِعِيسَى المَسِيحِ عَلَيهِ السَّلَامُ كَانَ ثَلَاثَ عَشرَةَ سَنَةً، وَقَدِ اختَلَفَ العُلَمَاءُ فِي مُدَّةِ الحَملِ، فَقِيلَ: تِسعُ سَاعَاتٍ، وَقِيلَ: ثَمَانِيَةُ أَشهُرٍ، وَقِيلَ: تِسعَةُ أَشهُرٍ، وَقَالَ بَعضُ الحُفَّاظِ: ثُمَّ الظَّاهِرُ، أَنَّهَا حَمَلَت بِهِ تِسعَةَ أَشهُرٍ كَمَا تَحمِلُ النِّسَاءُ وَيَضَعنَ لِمِيقَاتِ حَملِهِنَّ وَوَضعِهِنَّ، إِذ لَو كَانَ خِلَافَ ذَلِكَ لَذُكِرَ، وَاللهُ أَعلَمُ.
اتهام بني إسرائل السيدة مريم عليها السلام
لَمَّا حَمَلَتِ السَّيِّدَةُ مَريَمُ عَلَيهَا السَّلَامُ بِعِيسَى وَظَهَرَت عَلَيهَا ءَاثَارُ الحَملِ كَانَ أَوَّلُ مَن فَطِنَ لِذَلِكَ زَكَرِيَّا عَلَيهِ السَّلَامُ، وَقِيلَ أَوَّلُ مَن فَطِنَ لِذَلِكَ هُوَ ابنُ خَالِهَا يُوسُفُ بنُ يَعقُوبَ وَكَانَ مِن عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ وَكَانَ يَتَعَبَّدُ مَعَهَا فِي المَسجِدِ وَكَانَ يُلَقَّبُ بِيُوْسُفَ النَّجَّارِ، وَهُوَ غَيرُ يُوسُفَ بنِ يَعقُوبَ النَّبِيَّ.
فَجَعَلَ يَتَعَجَّبُ مِن ذَلِكَ لِمَا يَعلَمُ مِن تَدَيُّنِهَا وَنَزَاهَتِهَا، فَقَالَ لَهَا مَرَّةً يُعَرِّضُ لَهَا فِي حَملِهَا: يَا مَريَمُ، هَل يَكُونُ زَرعٌ مِن غَيرِ بَذرٍ؟ فَقَالَت لَهُ: نَعم، فَمَن خَلَقَ الزَّرعَ الأَوَّلَ؟ ثُمَّ قَالَ لَهَا: فَهَل يَكُونُ وَلَدٌ مِن غَيرِ ذَكَرٍ؟ قَالَت: نَعَم إِنَّ اللهَ خَلَقَ ءَادَمَ مِن غَيرِ ذَكَرٍ وَأُنثَى، عِندَئِذٍ قَالَ لَهَا: فَأَخبِرِينِي خَبَرَكِ، فَأَخبَرَتهُ حَقِيقَةَ أَمرِهَا وَقَالَت لَهُ: إِنَّ اللهَ تَعَالَى بَشَّرَنِي بِكَلِمَةٍ مِنهُ اسمُهُ المَسِيحُ عِيسَى ابنُ مَريَمَ.
وَشَاعَ الخَبَرُ فِي بَنِي إِسرَائِيلَ أَنَّ مَريَمَ حَامِلٌ فَأَسَاءَ بِهَا الظَّنَّ كَثِيرٌ مِنهُم، وَاتَّهَمَهَا البَعضُ بِيُوسُفَ بنِ يَعقُوبَ النَّجَّارِ، وَاتَّهَمَهَا ءَاخَرُونَ بِنَبِيِّ اللهِ زَكَرِيَّا عَلَيهِ السَّلَامُ، وَحَزِنَت مَريَمُ عَلَيهَا السَّلَامُ حُزنًا شَدِيدًا وَاعتَرَاهَا كَربٌ عَظِيمٌ وَتَوَارَت عَن أَعيُنِهِم وَاعتَزَلَتهُم وَانتَبَذَت بِحَملِهَا مَكَانًا بَعِيدًا فِرَارًا مِن قَومِهَا أَن يُعَيِّرُوهَا بِوِلَادَتِهَا مِن غَيرِ زَوجٍ، وَذَلِكَ أَنَّهَا عَلِمَت أَنَّ النَّاسَ يَتَّهِمُونَهَا وَلَا يُصَدِّقُونَهَا إِذَا أَتَتهُم بِمَولُودِهَا الصَّغِيرِ مَعَ أَنَّهَا كَانَت عِندَهُم مِنَ العَابِدَاتِ النَّاسِكَاتِ المُجَاوِرَاتِ فِي المَسجِدِ فِي عِبَادَةِ اللهِ سُبحَانَهُ وَتَعَالَى.
ولادة السيد المسيح عيسى وعناية الله به
لَمَّا أَتَمَّت مَريَمُ عَلَيهَا السَّلَامُ أَيَّامَ حَملِهَا وَهِيَ فِي بَيتِ لَحمٍ اشتَدَّ بِهَا المَخَاضُ ثُمَّ أَلجَأَهَا وَجَعُ الوِلَادَةِ إِلَى جِذعِ نَخلَةٍ يَابِسَةٍ وَقِيلَ كَانَت نَخلَةً مُثمِرَةً، فَاحتَضَنَت ذَلِكَ الجِذعَ وَوَلَدَت مَولُودَهَا عِيسَى عَلَيهِ السَّلَامُ.
وَنَادَاهَا جِبرِيلُ عَلَيهِ السَّلَامُ مِن مَكَانٍ مِن تَحتِهَا مِن أَسفَلِ الجَبَلِ يُطَمئِنُهَا وَيُخبِرُهَا أَنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى جَعَلَ تَحتَهَا نَهَرًا صَغِيرًا، وَيَطلُبُ مِنهَا أَن تَهُزَّ جِذعَ النَّخلَةِ لِيَتَسَاقَطَ عَلَيهَا الرُّطَبُ الجَنِيُّ الطَرِيُّ، وَأَن تَأكُلَ وَتَشرَبَ مِمَّا رَزَقَهَا اللهُ تَعَالَى، وَأَن تَقَرَّ عَينُهَا بِذَلِكَ، وَأَن لَا تُكَلِّمَ إِنسًا، فَإِن رَأَت أَحَدًا مِنَ النَّاسِ تَقُولُ لَهُ بِالإِشَارَةِ أَنَّهَا نَذَرَت لِلرَّحمَنِ صَومًا أَي صَمتًا، وَكَانَ مِن صَومِهِم فِي شَرِيعَتِهِم تَركُ الكَلَامِ وَالطَّعَامِ.
فَهَزَّت مَريَمُ عَلَيهَا السَّلَامُ جِذعَ النَّخلَةِ فَتَسَاقَطَ عَلَيهَا الرُّطَبُ الجَنِيُّ النَّاضِجُ فَأَكَلت عَلَيهَا السَّلَامُ مِنهُ وَشَرِبَت مِن ذَلِكَ النَّهَرِ الَّذِي أَجرَاهُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِقُدرَتِهِ لَهَا في مَكَانٍ كَانَ لَا يُوجَدُ فِيهِ نَهَرٌ، وَكُلُّ ذَلِكَ إِكرَامًا مِنَ اللهِ سُبحَانَهُ وَتَعَالَى لِمَريَمَ عَلَى إِيمَانِهَا وَصَلَاحِهَا وَعِنَايَةً بِوَلِيدِهَا السَّيِّدِ المَسِيحِ عِيسَى عَلَيهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ.
وَقَد رُوِيَ أَنَّهُ لَمَّا وُلِدَ السَّيِّدُ الجَلِيلُ عِيسَى ابنُ مَريَمَ عَلَيهِ السَّلَامُ أَصبَحَتِ الأَصنَامُ الَّتِي كَانَت تُعبَدُ مِن دُونِ اللهِ فِي زَمَانِ وِلَادَتِهِ بِكُلِّ أَرضٍ مَقلُوبَةً مُنَكَّسَّةً عَلَى رُؤُوسِهَا، فَفَزِعَتِ الشَّيَاطِينُ وَرَاعَهَا فَلَم يَدرُوا مَا سَبَبُ ذَلِكَ، فَسَارُوا عِندَ ذَلِكَ مُسرِعِينَ حَتَّى جَاؤُوا إِبلِيسَ اللَّعِينَ، فَأَخبَرُوهُ بِذَلِكَ، فَطَارَ إِبلِيسُ فَمَرَّ بِالمَكَانِ الَّذِي وُلِدَ فِيهِ عِيسَى عَلَيهِ السَّلَامُ، فَلَمَّا رَأَى المَلَائِكَةَ مُحَدِّقِينَ بِذَلِكَ المَكَانِ عَلِمَ أَنَّ ذَلِكَ الحَدَثَ بِسَبَبِ وِلَادَةِ ذَلِكَ المَولُودِ، فَأَرَادَ إِبلِيسُ اللَّعِينُ أَن يَأتِيَهُ فَلَم تُمَكِّنهُ المَلَائِكَةُ مِنَ الدُّنُوِّ مِنهُ.
حمل السيدة مريم ولدها النبي عليه السلام إلى قومها
أَتَتِ السَّيِّدَةُ مَريَمُ عَلَيهَا السَّلَامُ قَومَهَا تَحمِلُ مَولُودَهَا عِيسَى عَلَيهِ السَّلَامُ عَلَى يَدِهَا فِي بَيتِ لَحمٍ، فَلَمَّا رَءَاهَا قَومُهَا قَالُوا لَهَا: لَقَد فَعَلتِ فِعلَةً مُنكَرَةً عَظِيمَةً، فَإِنَّ أَبَاكِ لَم يَكُن رَجُلَ سُوءٍ وَلَم تَكُن أُمُّكِ زَانِيَةً، وَظَنُّوا بِهَا السُّوءَ، وَصَارُوا يُوَبِّخُونَهَا وَيُؤَنِّبُونَهَا، وَهِيَ سَاكِتَةٌ لَا تُجِيبُ لِأَنَّهَا أَخبَرَتهُم أَنَّهَا نَذَرَت لِلرَّحمَنِ صَومًا، وَلَمَّا ضَاقَ بِهَا الحَالُ أَشَارَت إِلَى عِيسَى عَلَيهِ السَّلَامُ أَن كَلِّمُوهُ فَعِندَهُ جَوَابُ مَا تَبغُونَ، عِندَهَا قَالُوا لَهَا مُتَعَجِّبِينَ: كَيفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي المَهدِ صَبِيًّا وَمَا هَذَا مِنكِ إِلَّا عَلَى سَبِيلِ التَّهَكُّمِ بِنَا وَالِازدِرَاءِ إِذ لَا تَرُدِّينَ عَلَينَا بِكَلَامٍ.
عِندَ ذَلِكَ أَنطَقَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِقُدرَتِهِ سَيِّدَنَا عِيسَى عَلَيهِ السَّلَامُ، وَكَانَ عُمُرُهُ أَربَعِينَ يَومًا، فَقَالَ: إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ، وَهَذَا اعتِرَافٌ مِنهُ عَلَيهِ السَّلَامُ بِالعُبُودِيَّةِ للهِ تَبَاَرَكَ وَتَعَالَى وَهَذِهِ أَوَّلُ كَلِمَةٍ نَطَقَ بِهَا عِيسَى وَهُوَ فِي المَهدِ، ثُمَّ قَالَ: آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا، وَهَذَا إِخبَارٌ عَمَّا قَضَى اللهُ تَعَالَى لَهُ وَحَكَمَ لَهُ بِهِ وَمَنَحَهُ إِيَّاهُ مِمَّا سَيَظهَرُ وَيَكُونُ، وَفِي ذَلِكَ تَبرِئَةٌ لِأُمِّهِ مِمَّا نَسَبُوا إِلَيهَا وَاتَّهَمُوهَا بِهِ، فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى لَا يُعطِيهِ النُّبُوَّةَ لَو كَانَ مِن الزَّنَا كَمَا زَعَمُوا وَالعِيَاذُ بِاللهِ تَعَالَى مِن سُوءِ الظَّنِّ، ثُمَّ قَالَ لَهُم عِيسَى عَلَيهِ السَّلَامُ: وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ، أَي نَفَّاعًا حَيثُمَا تَوَجَّهتُ مُعَلِّمًا لِلخَيرِ، وَذَلِكَ أَنَّ عِيسَى عَلَيهِ السَّلَامُ كَانَ يَدعُو حَيثُ كَانَ إِلَى عِبَادَةِ اللهِ تَعَالَى وَحدَهُ وَأَن لَا يُعبَدَ شَيءٌ غَيرُهُ، ثُمَّ قَالَ عِيسَى عَلَيهِ السَّلَامُ: وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا، وَهَذَا أَيضًا إِخبَارٌ عَمَّا قَضَى اللهُ لَهُ وَمَنَحَهُ إِيَّاهُ مِمَّا سَيَظهَرُ وَيَكُونُ، فَكَانَ نَبِيُّ اللهِ عِيسَى عَلَيهِ السَّلَامُ يُصَلِّي للهِ تَعَالَى كَمَا أَمَرَهُ، وَيُحسِنُ إِلَى عِبَادِ اللهِ بِالزَّكَاةِ وَبَذلِ الأَموَالِ وَالعَطَايَا لِلمُحتَاجِينَ وَالفُقَرَاءِ، وَلَم يَكُن عَلَيهِ السَّلَامُ فَظًّا وَلَا غَلِيظًا، ثُمَّ قَالَ عِيسَى عَلَيهِ السَّلَامُ: وَالسَّلاَمُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا، فَلَمَّا كَانَت هَذِهِ المَوَاطِنُ الثَّلَاثَةُ أَشَقُّ مَا يَكُونُ عَلَى ابنِ ءَادَمَ جَعَلَ اللهُ تَعَالَى السَّلَامَةَ عَلَى نَبِيِّهِ عِيسَى عَلَيهِ السَّلَامُ فِي هَذِهِ المَوَاطِنِ الثَّلَاثَةِ، يَومِ وِلَادَتِهِ وَيَومِ مَوتِهِ وَعِندَ البَعثِ يَومَ القِيَامَةِ.
وَبَعدَ أَن تَكَلَّمَ عِيسَى عَلَيهِ السَّلَامُ وَهُوَ فِي المَهدِ وَاعتَرَفَ بِالعُبُودِيَّةِ للهِ تَعَالَى وَدَفَعَ التُّهمَةَ البَاطِلَةَ عَن أُمِّهِ مَريَمَ إِلَى ءَاخِرِ كَلَامِهِ وَهُوَ فِي المَهدِ، أَمسَكَ بَعدَ ذَلِكَ عَنِ الكَلَامِ حَتَّى بَلَغَ المَبلَغَ المُعتَادَ فِي نُطقِ الصِّبيَانِ فَأَنطَقَهُ اللهُ تَعَالَى بِالحِكمَةِ وَحُسنِ البَيَانِ.
وَقَدِ اختَلَفَ أَهلُ ذَلِكَ الزَّمَانِ وَمَن بَعدَهُم فِي أَمرِ عِيسَى عَلَيهِ السَّلَامُ، وَكَانَ أَهلُ الكُفرِ عَلَى عِدَّةِ أَقسَامٍ :
فَقَالَ بَعضُ اليَهُودِ: إِنَّهُ ابنُ امرَأَةٍ زَانِيَةٍ، وَاستَمَرُّوا عَلَى كُفرِهِم وَعِنَادِهِم.
قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَىٰ مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا﴾، [سورة النساء: 156].
وَقَابَلَهُم ءَاخَرُونَ فِي الكُفرِ فَقَالُوا: هُوَ اللهُ، وَقَالَ ءَاخَرُونَ: هُوَ ابنُ اللهِ، وَقَالَ ءَاخَرُونَ: اللهُ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ، وَالعِيَاذُ بِاللهِ تَعَالَى مِنَ الكُفرِ.
قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾، [سورة مريم: 37].
وَأَمَّا المُؤمِنُونَ فَقَالُوا: هُوَ عَبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ وَابنُ أَمَتِهِ وَكَلِمَتُهُ أَلقَاهَا إِلَى مَريَمَ وَرُوحٌ مِنهُ، وَهَؤُلَاءِ هُمُ النَّاجُونَ المَنصُورُونَ.
قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾، [سورة مريم: 37].
قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ " مَن شَهِدَ أَن لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّ عِيسَى عَبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ وَكَلِمَتُهُ أَلقَاهَا إِلَى مَريَمَ وَرُوحٌ مِنهُ، وَالجَنَّةَ حَقٌّ وَالنَّارَ حَقٌّ أَدخَلَهُ اللهُ الجَنَّةَ عَلَى مَا كَانَ مِنَ العَمَلِ " رواه البخاري
مَعنَى وَرُوحٌ مِنهُ
أَنَّ رُوحَ المَسِيحِ رُوحٌ صَادِرَةٌ مِنَ اللهِ تَعَالَى خَلقًا وَتَكوِينًا، أَيْ أَنَّ اللهَ خَلَقَهَا فَالْإِضَافَةُ هُنَا لِلْمِلْكِيَّةِ وَالتَّعْظِيْمِ وَلَيْسَتْ لِلْجُزْئِيَّةِ، فَلَيسَ المَعنَى أَنَّ المَسِيحَ جُزءٌ مِنَ اللهِ تَعَالَى، لِأَنَّ اللهَ سُبحَانَهُ وَتَعَالَى لَيسَ أَصلًا لِغَيرِهِ وَلَا هُوَ فَرعٌ عَن غَيرِهِ وَلَيسَ رُوحًا وَلَا جَسَدًا ﴿لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾، [سورة الإخلاص: 3، 4].
الخاتمة
قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ ذَٰلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ * مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَىٰ أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾، [سورة مريم: 34، 35].
سَيِّدُنَا عِيسَى عَلَيهِ السَّلَامُ هُوَ عَبدٌ مِن عِبَادِ اللهِ مَخلُوقٌ ابْنُ امرَأَةٍ وَهِيَ أُمُّهُ مَريَمُ وَهِيَ أَفْضَلُ النِّسَاءِ، وَاللهُ تَعَالَى لَا يُعجِزُهُ شَىءٌ وَلَا يَؤُودُهُ وَلَا يُتعِبُهُ شَيءٌ، بَل هُوَ يُوجِدُ مَا أَرَادَ وُجُودَهُ بِسُرعَةٍ أَي مِن غَيرِ تَأَخُّرٍ عَنِ الوَقتِ الَّذِي أَرَادَ وُجُودَهُ فِيهِ، وَمِن غَيرِ أَن يَلحَقَهُ تَعَبٌ وَلَا مَشَقَّةٌ.
فَإِيجَادُ سَيِّدِنَا عِيسَى وَخَلقُهُ مِن غَيرِ أَبٍ أَمرٌ هَيِّنٌ عَلَى اللهِ، فَاللهُ قَد خَلَقَ سَيِّدَنَا ءَادَمَ عَلَيهِ السَّلَامُ مِن غَيرِ أَبٍ وَلَا أُمٍّ، هَذَا أَعجَبُ، ثُمَّ خَلقَ السَّيِّدَةَ حَوَّاءَ مِن ضِلَعِ سَيِّدِنَا ءَادَمَ عَلَيهِمَا السَّلَامُ.
وَسَيِّدُنَا عِيسَى عَبْدٌ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ، خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ فِي الرَّحِمِ كَمَا صَوَّرَ غَيْرَهُ مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ، خَلَقَهُ مِنْ غَيْرِ أَبٍ، وَلَيسَ هُوَ ابنَ اللهِ، فَاللهُ تَعَالَى لَا يَنْبَغِي لَهُ الْوَلَدُ، لِأَنَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَمَالِكُهُ، وَكُلُّ شَيْءٍ فَقِيرٌ إِلَيْهِ، خَاضِعٌ ذَلِيلٌ لَدَيْهِ، وَجَمِيعُ سُكَّانِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَبِيدُهُ، وَهُوَ رَبُّهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، وَلَا رَبَّ سِوَاهُ.
وَاللهُ تَعَالَى أَعلَمُ وَأَحكَمُ، وَالحَمدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ.
Intaha
العِلْمُ مِيرَاثُ الأنْبِيَاء
قال الله تعالى { ما الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌۖ كَانَا يَأْكُلَانِ الطعام انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ } .
في هذه الآية أن عيسى المسيح عليه السلام رسول الله وليس هو الله ولا ابنا لله فالله تعالى خالق كل شىء ولا يشبه شيئا من خلقه وإنما سمى المسيح لكثرة سيره في الأرض لتبليغ دين الإسلام وتعليم الناس.
ولا يجوز على الخالق الولد والا لاستحق كل والد الألوهية وهذا باطل وما أدى إلى الباطل فهو باطل قال تعالى { لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد }
وقال تعالى إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون .فعيسى خلقه الله في جوف مريم بلا نطفة ذكر ولا أنثى كما خلق آدم فعيسى لا أب له وآدم لا أب له ولا أم ومعنى كن فيكون سرعة الإيجاد أي أوجده الله كسائر الخلق في الوقت الذي أراد بلا ممانعة من أحد ولا تأخير وهو سهل عليه سبحانه.
قال تعالى "فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون".
فعيسى ومن تبعه مسلمون والإسلام دين جميع الأنبياء من لدن آدم إلى مُحَمّد عليهم السلام
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من تشبه بقوم فهو منهم فمن تشبه بالكفار بما هو كفر كالسجود لصنم صار كافرا ومن تشبه بهم فيما اختصوا به مما دون الكفر كان فاسقا آثما فاحذروا وحذروا الناس من التشبه بالكفار في كل الأوقات والمناسبات .
Posting Komentar untuk "Makna Bait Ke 19 Nadhom Aqidatul Awamm Kisah Nabi Isa Alaihissalaam"